السؤال
شخص خطب بنتا ودفع لأبيها مبلغا من المال ولم يعقد له بها وبعد شهرين ماتت البنت ثم مات أبوها بعدها بسنه
الآن الخاطب يطالب اخوانها بتسليم المبلغ الذي دفعه لوالدهم فهل يلزم عليهم التسليم او لا يلزمهم ؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فإن كان المال الذي دفعه الخاطب للبنت على وجه الهبة والإكرام كما يفعل البعض فلا حق له في المطالبة به مرة أخرى لأن الهبة تلزم بالقبض وقد قبضت البنت هذه الهبة ولا يجوز الرجوع فيها وفي الحديث : العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)[1] .
وأما إن كان هذا المال جزءا من المهر حتى وإن لم يسم ، لكن كما يفعل بعض الخطاب يضع مبلغا من المال يحجز به البنت ويحتسب في عرف الناس من المهر ، أو كان هذا المال هبة مشروطة بشرط لم يتحقق بسبب موت البنت فإن هذا المال محفوظ لصاحبه ويلزم إخوة البنت الدفع من تركتها إن تركت مالا، فإن كانت قد قسمت تركتها رجع على الورثة بالقضاء عنها لأن قضاء دين الميت مقدم على نصيب الورثة ، فيلزم الورثة بتسديد الدين بقدر أنصبتهم من الميراث ، فإن كانت البنت لم تترك شيئا من المال فلا يلزم ورثتها تسديد دينها ، قال ابن قدامة في المغني: “فإن لم يخلف تركة، لم يلزم الوارث بشيء، لأنه لا يلزمه أداء دينه إذا كان حيا مفلسا، كذلك إذا كان ميتا.” [2]
لكن: يستحب لهم استحبابا أكيداً أن يقضوا دينها إن كانوا ميسورين أو متى ما تيسر لهم ذلك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ )[3] ، والمعنى كما قال السيوطي: أي محبوسة عن مقامها الكريم. وقيل: أي أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا[4]. والله أعلم .
[1] رواه البخاري (2589) ومسلم (1622)
[2] المغني 5/155
[3] رواه الترمذي (1078)
[4] تحفة الأحوذي للمبارك فوري (4/164)