حكم الاكتتاب في الاسهم المختلطة

السؤال: هل يجوز الاكتتاب في شركتي: شركة بورصة الكويت للأوراق المالية، وشركة شمال الزور الأولى للطاقة والمياه؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وبعد:
فإن الحديث عن الاكتتاب في أسهم الشركات المساهمة فيه مواطن اتفاق ومواطن اختلاف بين العلماء.
فقد اتفقوا على تحريم الاكتتاب في الشركات التي يكون أصل نشاطها محرما، واختلفوا في حكم المساهمة في الشركات ذات الأغراض المباحة ولكنها تتعامل بمعاملات محرمة تعد كثيرة بالنسبة إلى إجمالي نشاط الشركة.
كما اتفقوا على جواز الاكتتاب في الشركات النقية من أي معاملة محرمة، ويكون نشاطها في أغراض مباحة.
كما اتفقوا على وجوب التخلص من المال الحرام في حق من يرى بجواز الاستثمار في الشركات ذات النشاط المختلط.
كما اتفقوا على أن الورع يقتضي أن يتجنب المسلم أي معاملة فيها شبهة حرام حتى وإن اختلف العلماء فيها. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه”.

ومن مواطن الاختلاف عند العلماء جواز الاكتتاب في الشركات التي أصل نشاطها وغالبه حلال، ولكن لها معاملات مُحرَّمة، كالاقتراض، أو الإقراض بالرِّبا.
اختلف العلماء المعاصرون في ذلك بين قائل بالمنع مطلقا وقائل بالجواز بشروط
فالمانعون مطلقا عملوا بأصل التحريم وأدلتهم هي أدلة تحريم المعاملات المحرمة ، وعملا بقاعدة اذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام ، وهذا قول عامَّة أهل العلم في عصرِنا، وإليه ذهب المَجْمَعان: مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالَم الإسلامي، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالبلاد السعودية.
ومن العلماء المعاصرين: سماحة الشيخ ابن باز – رحمه الله – والشيخ عبد الله بن جبرين، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ على السالوس، وعددٌ كثير من الباحثين.

وذهب جمع من أهل العلم إلى الجواز بشروط وضوابط
وممَّن ذهب إلى هذا القول المجلس الشرعي بهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية والهيئةُ الشرعية لشركة الراجحي، والهيئة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني، واختاره فضيلة الشيخ عبدُالله بن منيع، والشيخ علي محي الدين القره داغي، والشيخ يوسف الشبيلي، وهو أحدُ القولين للشيخ ابن عثيمين – رحمه الله.
وقد ذكر المجلس الشرعي بهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية
أن للجواز شروطاً لا بد من توافرها جميعا، فإذا اختل واحد منها رجع القول إلى التحريم، وهي:

  1. ألا تنص الشركة في نظامها الأساسي أن من أهدافها التعامل بالربا أو التعامل بالمحرمات كالخنزير ونحوه.
  2. ألا يبلغ إجمالي المبلغ المقترض بالربا سواءً أكان قرضاً طويل الأجل أم قرضاً قصير الأجل 30% من القيمة السوقية لمجموع أسهم الشركة علماً بأن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه.
  3. ألا يبلغ إجمالي المبلغ المودع بالربا سواءً أكانت مدة الإيداع قصيرة أو متوسطة أو طويلة 30% من القيم السوقية لمجموع أسهم الشركة علماً بأن الإيداع بالربا حرام مهما كان مبلغه.
  4. ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم نسبة 5% من إجمالي إيرادات الشركة سواءً أكان هذا الإيراد ناتجاً عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك لمحرم.
  5. يرجع في تحديد هذه النسب إلى آخر ميزانية أو مركز مالي مدقق.
  6. يجب التخلص مما يخص السهم من الإيراد المحرم الذي خالط عوائد تلك الشركات.

أما بخصوص الشركتين موضوع السؤال فإن شركة بورصة الكويت للأوراق المالية، عليها المآخذ التالية:

  1. أن نشاط الشركة ـ وإن كانت الشركة لا تباشر عملية البيع والشراء وإنما تقوم بذلك مكاتب الوساطة المالية ـ لكن الشركة تقوم بأخذ حصة من عمولة التداول تقدر بـ 29%. من أي سهم متداول ومن المعلوم انه يوجد في البورصة أسهم محرمة لا يجوز الاستثمار فيها ولا العمل فيها لا مضاربة ولا حتى التوسط في المضاربة فيها ولا أخذ عمولة عليها.
    كما تقوم هذه ا لشركة بتطوير أدوات مالية وتطبيقها في البورصة وأكثر هذه الأدوات محرمة كالبيع على المكشوف والبيع بالهامش وعقود الآجل المحرمة، كذلك تقوم بالترخيص لصناديق السندات والمؤشرات وغير ذلك من أنواع الأنشطة المحرمة.
  2. لدى الشركة وديعة لأجل بقيمة تسعة ملايين وخمسمائة ألف دينار كويتي ونسبة هذه الوديعة إلى إجمالي الموجودات 29%
  3. حققت الشركة فوائد ربوية من الوديعة لأجل تقدر ب 3.2% من إجمالي إيرادات الشركة . ولو أضيفت لها العمولات المحرمة التي لا يمكن معرفتها ستتجاوز نسبة ال5% التي حددها المجيزون
  4. لدى الشركة قروض ربوية بقيمة خمسة ملايين وثلاثمائة وستين ألف دينار كويتي، ونسبة هذه القروض بالنسبة إلى اجمالي موجودات الشركة 16%.

وأما شركة شمال الزور الأولى للطاقة والمياه فإن عليها المآخذ التالية:

  1. لدى الشركة عقد تأجير تمويلي ربوي بقيمة أربعمائة وواحد وتسعين مليون دينار كويتي وبفائدة تعادل ثلاثمائة وأربعة وسبعون مليون دينار كويتي وقيمة هذا العقد تمثل 90% من إجمالي موجودات الشركة.
  2. اشتمال الإيرادات على فوائد ربوية فقد بلغت إيرادات فوائد تأجير تمويلي سبعة وعشرين مليون دينار كويتي وهذا المبلغ يمثل 50% من إجمالي إيرادات الشركة.
  3. لدى الشركة وديعة لأجل في بنك أجنبي ربوي بقيمة واحد وأربعين مليون دينار كويتي حققت فائدة تقدر بمليون دينار كويتي.
    لدى الشركة قروض ربوية تقدر ثلاثمائة وتسعة وثمانين مليون دينار كويتي. نسبة هذه القروض إلى أجمالي الموجودات 71%، ونسبة هذه القروض إلى رأس المال 354%
    وعليه يتبين حرمة الاكتتاب في هاتين الشركتين حتى عند القائلين بالجواز بضوابط لتخلف أغلب الشروط والضوابط التي وضعوها، فأنصح إخواني المسلمين بتحري الكسب الحلال والبعد عن الحرام فقد قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله..) وفي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: (لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: آكل الرّبا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء).
    أسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.