حكم تكفين الشهيد وتغطية وجهه

السؤال هل يكفن الشهيد ويغطى وجهه ؟

الجواب : 

الحمد لله رب العالمين وأشهد ألا إله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد :

فالشهيد الذي قضى في المعركة يكفن بثيابه ولا تنزع عنه على أصح قولي العلماء ،لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( زَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَلْمٌ يُكْلَمُ فِي اللَّهِ إِلَّا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ» . ([1])

قال الشوكاني: «والظاهر أن الأمر بدفن الشهيد بما قتل فيه من الثياب للوجوب»([2]).

وفي حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: «رمي رجل بسهم في صدره، أو قال: في جوفه، فمات، فأدرج([3]) في ثيابه كما هو، ونحن مع رسول الله »([4]).

ولكن إن تقطعت ثيابه وبدت عورته أو جزء منها أو عراه العدو فيلزم تغطيتها

قال ابن رشد: «… قوله في تكفين من عراه العدو من الشهداء أن ذلك حسن، لفظ فيه تجاوز وتسامح، بل ذلك لازم، لا رخصة في تركه، ومما يدل على ذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  كفن الشهداء يوم أحد: اثنين في ثوب([5])، فلو كان ترك تكفينهم واسعًا، لما جمع منهم اثنين في ثوب، ولكفن من وجد ما يكفنه فيه، وترك من لم يجد، والله أعلم»([6]).

أما إذا لم تقطع ثيابه لكن أراد وليه أن يزيد في ثيابه ويكفنه فجماهير العلماء على جواز ذلك لما جاء عند البخاري أن خبابا قال : (هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ نَمِرَةً، فَكُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ، شَيْئًا مِنْ إِذْخِرٍ ..) ([7])

وإن كان الأفضل أن لا يزاد على ثياب الشهيد وأن يدفن على حاله للأحاديث التي تبين أن الشهداء كانوا يدفنون في ثيابهم من غير زيادة ، وحتى يلقى الله على حاله التي دفن ، وهذا هو المعنى المقصود من عدم غسله وتكفينه بثياب وتمييزه عن بقية الموتى وهي وصية بعض الصحابة والتابعين كعمار بن ياسر وزيد بن ضحوان وحجر بن عدي .

وأما وجه الشهيد فإن دفن بثيابه فلا يغطى بل يدفع على هيئته التي قتل فيها ، وأما إن زيد على كفنه بحيث كفن بثياب فحكمه حكم باقي الموتى يغطى كاملاً  مع رأسه وقدميه والله أعلم .


([1])أخرجه النسائي في كتاب الجهاد، باب من كلم في سبيل الله عز وجل، رقم 3148 ، وصححه الألباني انظر إرواء الغليل 3/168 .

([2]) نيل الأوطار: 4/40.

([3]) أدرج: أي لفّ. انظر: النهاية: 2/112.

([4]) أخرجه أحمد في المسند، الفتح الرباني: 7/186، وقال عنه الساعاتي: سنده جيد. ورواه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في الشهيد يغسل، رقم 3133، وسكت عنه. وحسنه الألباني 3/195 .

([5]) الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك: 1/365. قال الأرناؤوط: “سنده حسن”. حاشية زاد المعاد: 3/214.

([6]) البيان والتحصيل: 2/229.

([7]) رواه البخاري (3897) .