الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم زكاة الذهب الملبوس المعدّ للاستعمال والزينة:
أولًا: القول بعدم وجوب الزكاة في الذهب الملبوس للزينة المباحة
وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة في المعتمد، ورُوي عن جماعة من الصحابة، منهم: عائشة، وابن عمر رضي الله عنهما.
ومن أدلتهم ما يلي:
١. أن عائشة رضي الله عنها كانت تلبّس بنات أخيها الذهب ولا تزكيه، وقالت: «ليس في الحلي زكاة». الموطأ (584)
٢. أن الحلي المباح المستعمل ليس من المال النامي، والزكاة إنما تجب في المال النامي.
٣. القياس على أدوات الاستعمال الشخصي كالملابس والأثاث، إذ لا زكاة فيها.
ثانيًا: القول بوجوب الزكاة في الذهب الملبوس إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول
وهو مذهب أبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد، وبه قال ابن حزم، والشنقيطي، وابن باز، وابن عثيمين ، وقد أفتت بهذا القول اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية.
ومن أدلتهم ما يلي:
١. عموم قوله تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} [التوبة: ٣٤].
٢. حديث عبد الله بن عمرو: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفي يد ابنتها سواران من ذهب، فقال: «أتعطين زكاة هذا؟» قالت: لا، قال: «أيسرك أن يسوّرك الله بهما سوارين من نار؟». رواه أبو داود (1563) ، والنسائي (2479)
٣. أن الأصل في الذهب والفضة وجوب الزكاة، ولا يصرف عن هذا الأصل إلا بدليل خاص صريح.
٤. أن الحلي في زماننا كثيرًا ما يُقتنى بقصد الادخار أو الاستثمار، لا الزينة فقط.
الراجح:
الراجح – والله أعلم – هو القول بوجوب الزكاة في الذهب الملبوس، إذا بلغ النصاب (خمسة وثمانون جرامًا من الذهب الخالص تقريبًا)، وحال عليه الحول، ولو كان معدًّا للزينة المباحة.
وذلك لأسباب منها:
١. الاحتياط في باب الزكاة، لا سيما وهي ركن من أركان الإسلام.
٢. قوة النصوص المرفوعة الدالة على وجوب الزكاة في الذهب مطلقًا.
٣. عدم وجود نص صحيح صريح في إسقاط الزكاة عن الحلي المستعمل.
٤. أن الواقع المعاصر يشهد باستخدام الحلي كوسيلة ادخار عند أغلب الناس .
الخلاصة:
من كانت تملك ذهبًا ملبوسًا بلغ النصاب، فالأحوط والأبرأ لذمتها أن تزكيه سنويًا بمقدار (٢.٥٪). والله تعالى أعلم.