حكم زكاة الزيتون
السؤال : رجل عنده بستان زيتون استأجر فيه أخوان على نصف المحصول من الزيتون فهل على الأخوان زكاة لمحصولهما من الزيتون .
الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فزكاة الزيتون حبا مما اختلف فيه العلماء على قولين :
القول الأول: وجوب الزكاة إذا بلغ النصاب وهو خمسة أوسق حوالي ( 612 كيلو جرام ).
وهذا القول عند الحنفية والمالكية ، وهو قول الزهري والأوزاعي ومالك والليث والثوري، وهو قول الشافعي في القديم . وممن افتى بالوجوب احتياطا من المعاصرين اللجنة الدائمة للإفتاء .
واستدلوا بالآتي :
- عموم قوله تعالى قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأنعام/141فقوله “وآتوا حقه يوم حصاده يدخل فيها الأصناف المذكورة ومنها الزيتون وكل ما يُحصد من الزروع والثمار.
- القياس على التمر والزبيب لأنه يمكن ادخار غلته (الزيت) .
- قول النبي صلى الله عليه وسلم: فيما سقت السماء العشر،[صحيح البخاري 1483] وهذا عام فنحمله على عمومه إلا ما خصه الدليل
- القياس أن هذا مقتات بزيته فوجبت فيه الزكاة كالسمسم .
والقدر الواجب إخراجه هو العشر إذا كانت الأرض تسقى بماء المطر ونحوه، أما إذا كانت تسقى بكلفة كالسقي ببعض آلات الري كالماكينة مثلاً، فالواجب نصف العشر فقط لحديث البخاري السابق,
والقول الثاني : عدم الوجوب إلا ان يباع فيبقى ثمنه عند صاحبه حولا ويبلغ النصاب.
وهو المذهب عند الشافعية والحنابلة، وقول الشافعي في قوله الجديد ، وأحمد في رواية وممن افتى بعدم الوجوب من المعاصرين الشيخين ابن باز وابن عثيمين
واستدلوا بالآتي :
- قالوا لم يرد نص صريح بوجوب زكاة الزيتون ، والأصل براءة الذمة ، وردوا على الاستدلال بقوله تعالى : ( وآتوا حقه يوم حصاده .. ) أن الآية ليست صريحة في إيجاب الزكاة على كل ما ذكر فيها بدليل ان الرمان ذكر فيها ولا زكاة فيه إجماعاً .
- القياس على الخضروات ، لأنه لا ييبس ويدخر حبا ولا يقتات به حبا فهو أشبه بالخضروات والخضروات لا زكاة فيها .
قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع: وأصح ما روي في الزيتون قول الزهري: مضت السنة في زكاة الزيتون أن تؤخذ، فمن عصر زيتونه حين يعصره فيما سقت السماء أو كان بعلا العشر، وفيما سقي برش الناضح نصف العشر، وهذا موقوف لا يعلم اشتهاره، ولا يحتج به على الصحيح. قال البيهقي: وحديث معاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما أعلى وأولى أن يؤخذ به، يعني روايتهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهما لما بعثهما إلى اليمن: لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير والحنطة والتمر والزبيب، وأما المذكور عن ابن عباس فضعيف أيضا، والأثر المذكور عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ضعيف أيضا، ذكره الشافعي وضعفه هو وغيره، واتفق الحفاظ على ضعفه، واتفق أصحابنا في كتب المذهب على ضعفه، قال البيهقي: ولم يثبت في هذا إسناد تقوم به حجة، قال: والأصل عدم الوجوب فلا زكاة فيما لم يرد فيه حديث صحيح، أو كان في معنى ما ورد به حديث صحيح. اهـ. المجموع 5/453
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : ” التين والزيتون لا تجب فيهما زكاة في أصح قولي العلماء ؛ لأنهما من الخضروات والفواكه ” انتهى من “مجموع فتاوى ابن باز” (14/70).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل في الزيتون أو الزيت زكاة وكذلك الرمان والتين ؟
فأجاب : هذه الأشجار ليس فيها زكاة ، وإنما الزكاة في التمر والعنب . أما الزيتون والرمان والبرتقال والتفاح والأترج فكلها ليس فيها زكاة ، ولكن إذا باعها الإنسان وحصل على ثمن نقد ، فإنه إذا بقي عنده إلى تمام الحول وجب عليه الزكاة ، وتكون زكاة نقد لا زكاة ثمار ” انتهى من “فتاوى نور على الدرب”. 10/3
الراجح:
القول بالوجوب أقرب إلى الدليل، ولضعف القياس على الخضار لأن الزيتون حبا يمكن ادخاره لأن استهلاك الزيتون إما أن يكون زيتا وهو الأصل وهذا يدخر أو يعالج الحب ويدخر وهذا أيضا مما يدخره الناس الحول والحولين فهو اشبه بالعنب الذي يدخر زبيبا والله أعلم .