حكم قتل النفس هروبا من الاغتصاب

السؤال : هل يجوز للمرأة أن تقتل نفسها هروبا من الاغتصاب ، وهل هي شهيدة ؟

 ؟

 ————————————-

الجواب :

 الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:

فلا يجوز لها أن تقتل نفسها بأي حال من الأحوال فقتل النفس من الكبائر ولا يجوز أن توصف بوصف الشهادة ، حتى وإن كانت ستغتصب أو تعذب وتهان للأمور التالية :

أولا : لعموم الأدلة الواردة في حرمة قتل الإنسان نفسه

قال تعالى: ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) .

وفي الصحيح عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا، فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ»([1])

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا»([2])

ثانيا : أن هذا ضرر لا يزال بضرر أعظم منه ، ومعلوم أن حفظ النفس مقدم على حفظ العرض وقتل النفس أشد عند الله من الزنا.

فمهما كان الإكراه ملجئا أو غير ملجئ لا يخول للإنسان أن يقتل نفسه ، بل عليه أن يصبر ويحتسب ولا يقنط والإقدام على قتل النفس في معنى القنوط .

جاء في كتاب التشريع الجنائي الإسلامي لعبد القادر عودة : (وقد وضعت الشريعة قاعدتين لحكم هذه الحالة: أولهما: أن الضرر لا يزال بالضرر، ومقتضى هذه القاعدة أنه لا يجوز للإنسان أن يدفع الضرر بمثله، فليس له أن يدفع الغرق عن أرضه بإغراق أرض غيره، ولا أن يحفظ ماله بإتلاف مال غيره، وليس للمضطر أن يتناول طعام مضطر آخر، وهكذا.

وثانيتهما: أن أخف الضررين يرتكب لاتقاء أشدهما، ومقتضى هذه القاعدة أنه إذا لم يكن بد من ارتكاب أحد الضررين فيجوز للإنسان أن يرتكب أخفهما لدفع الأشد، ولا يجوز له أن يرتكب أشد الضررين لدفع أخفهما. فتطبيق هاتين القاعدتين يوجب على المكره أن يأتي من الأمرين أمراً واحداً بعينه، فإذا اتاه فهو لا يختار في الواقع وإنما يضطر إلى إتيانه اضطراراً بحكم الإكراه أولاً ونزولاً على حكم الشريعة ثانياً، وإذن فاختياره ينعدم تماماً إذا نزل على حكم قاعدتي الضرر سالفي الذكر، فتنعدم المسئولية الجنائية لانعدام الاختيار وترتفع العقوبة. أما إذا خالف حكم قاعدتي الضرر ودفع الضرر بمثله، أو دفع الضرر الأخف بالأشد، فقد اختار، وهذا الاختيار لا يعدم المسئولية الجنائية ولا يرفع العقوبة ولو كان مداه ضيقاً.انتهى)([3])

ثالثا : أن وصف الشهادة يؤخذ من نصوص الكتاب والسنة وليس لأحد أن يطلقها على من شاء كيفما شاء ، وقد حددت النصوص الصور التي يوصف المقتول فيها بالشهادة ، والله أعلم .


([1]) رواه البخاري (1363).

([2]) رواه البخاري (5778) ومسلم (109)

([3]) التشريع الجنائي الإسلامي 1/575