السؤال : ما حكم أكل لحم الغراب ؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فعامة الفقهاء على تحريم أكل الغراب لأنه مستخبث ويأكل الجيف، وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم من الفواسق الخمس التي يجوز قتلهن في الحل والحرم ، وخص من ذلك الغراب الأبقع لما جاء في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” خمس فواسق، يقتلن في الحل والحرم: الحية، والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحديا “.([1])
والأبقع : هُوَ الَّذِي فِي ظَهره وبطنه بَيَاض ومن طبعه أكل النجاسة.
وما أبيح قتله فلا ذكاة له، لأن كلمة القتل متى أطلقت تنصرف إلى إزهاق الروح بأية وسيلة استطاعها الإنسان، فلو حل بالذكاة لكان إزهاق روحه بغيرها إضاعة للمال، وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن إضاعة المال.
واستثنى الفقهاء غراب الزرع فإنه لا يأكل إلا الحب ، وقد يألف الإنسان، ولا تستخبثه النفوس.
قال الحافظ ابن حجر: وقد اتفق العلماء على إخراج الغراب الصغير الذي يأكل الحب من ذلك ويقال له غراب الزرع ويقال له الزاغ وأفتوا بجواز أكله فبقي ما عداه من الغربان ملتحقا بالأبقع.([2])
وحجة من استثنى إباحة بعض الأنواع من الغربان أن الأحاديث التي ورد فيها وصف الغراب بالأبقع أشعرت أن الغراب المذكور هو المتصف بصفة توجب خبثه، وقد لوحظ أن هذه الصفة هي كونه لا يأكل إلا الجيفة غالبا، فحملت الأحاديث المطلقة عليه، ثم ألحق بالأبقع ما ماثله وهو الغداف الكبير. واختلفوا في العقعق تبعا لاختلاف أنظارهم في كونه يكثر من أكل الجيفة أو لا يكثر.([3])
([1]) صحيح البخاري ( 3314) ومسلم ( 1198)
([2]) فتح الباري شرح صحيح البخاري 4/38.
([3]) انظر الموسوعة الفقهية 5/137.