مسائل مختصرة في زينة النساء

بسم الله الرحمن الرحيم

مختصر لمسائل متعلقة بمحلات الكوافير

1. شرط المنفعة المباحة في الإجارة

المنفعة في اللغة: كل ما ينتفع به والجمع منافع وهي في الاصطلاح: الفائدة التي تحصل باستعمال العين فكما أن المنفعة تستحصل من الدار بسكناها تستحصل من الدابة بركوبها.
ويعرف الفقهاء الإجارة بأنها: عقد معاوضة على تمليك منفعة بعوض.
القاعدة العامة عندهم فيما يجوز إجارته أن كل ما يجوز بيعه تجوز إجارته؛ لأن الإجارة بيع منافع.
فيشترط في المنفعة ان تكون مباحة في الشريعة، فإن اختل هذا الشرط فالعقد فاسد.
وفرقوا بين ما إذا استأجر العين للمعصية وبين ما إذا استأجرها للمنفعة المباحة ثم عصى الله فيها
وقالوا استأجر ذمي دارا من مسلم على أنه سيتخذها كنيسة أو حانوتا لبيع الخمر، فالجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة وأصحاب أبي حنيفة) على أن الإجارة فاسدة؛ لأنها على معصية. وانفرد أبو حنيفة بالقول بجواز ذلك؛ لأن العقد وارد على منفعة البيت مطلقا، ولا يتعين على المستأجر اتخاذها لتلك المعصية. وفي هذا التعليل ما فيه.
أما إذا استأجر الذمي دارا للسكنى مثلا، ثم اتخذها كنيسة، أو معبدا عاما، فالإجارة انعقدت بلا خلاف. ولمالك الدار، وللمسلم عامة، منعه حسبة، كما يمنع من إحداث ذلك في الدار المملوكة للذمي.
قاعدة اجتماع الحلال والحرام
نص الإمام ابن الملقن على أن قاعدة اجتماع الحلال مع الحرام هي من القواعد الكلية التي يتخرج عليها ما ل ينحصر من الصور الجزئية.
ومفهوم القاعدة هو: إذا اجتمع في المسألة الحكمية سواء اجتماعا حقيقيا، أو ظاهرياً دليلان، أو وصفان، أو علتان يدل أحدهما على الحل، والآخر على
الحرمة، وتعذر ترجيح أحدهما على الآخر بدليل مرجح، وجب تغليب جانب
الحرمة على الحل، من باب العمل بالتقوى، والاحتياط بالبعد عن الشبهات التي
أُمرنا باجتنابها
وردت هذه القاعدة بألفاظ متعددة عند العلماء، وهي إذا تعارض المقتضي والمانع يقدم المانع إلا إذا كان المقتضي أعظم
• إذا اجتمع المبيح والمحرم غلب جانب المحرم
• إذا اجتمع حظر واباحة غلب جانب الحظر
• إذا استوى الحلال والحرام يغلب الحرام الحلال.
• ذا امتزج التحريم والتحليل غلبنا التحريم على التحليل
2. حكم معاملة من اختلط ماله بالحرام.

نص العلماء على جواز معاملة من اختلط ماله بين الحرام والحلال ولم يتميز عن بعضه ، أو كان فيه ماله شبهة لأن الإثم على من اكتسب المال من طريق حرام وليس على من انتفع به من طريق حلال .
واحتج بعضهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً، ومات ودرعه مرهونة عنده، وأجاب يهودياً دعاه وأكل من طعامه، وقد أخبر الله تعالى أنهم أكَّالون للسحت. وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: لا بأس بجوائز السلطان، فإن ما يعطيكم من الحلال أكثر مما يعطيكم من الحرام.
واحتج بعضهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً، ومات ودرعه مرهونة عنده، وأجاب يهودياً دعاه وأكل من طعامه، وقد أخبر الله تعالى أنهم أكَّالون للسحت. وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: لا بأس بجوائز السلطان، فإن ما يعطيكم من الحلال أكثر مما يعطيكم من الحرام.
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في “جامع العلوم والحكم” على حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه: ” الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام” الحديث (متفق عليه)، فقال في شرح هذا الحديث: [وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعاملون المشركين وأهل الكتاب مع علمهم بأنهم لا يجتنبون الحرام كله. وإن اشتبه الأمر فهو شبهة، والورع تركه. قال سفيان: لا يعجبني ذلك وتركه أعجب إلي. وقال الزهري ومكحول: لا بأس أن يؤكل منه ما لم يُعرف أنه حرام بعينه، فإن لم يُعلم في ماله حرام بعينه، عُلم أن فيه شبهة، فلا بأس بالأكل منه. نص عليه أحمد في رواية حنبل. وذهب إسحاق بن راهويه إلى ما روي عن ابن مسعود وسليمان وغيرهما من الرخصة، وإلى ما روي عن الحسن وابن سيرين في إباحة الأخذ مما يقضي من الربا والقمار، نقله عنه ابن منصور.] اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في “جامع العلوم والحكم” على حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه : ” الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام” الحديث (متفق عليه)، فقال في شرح هذا الحديث :[ وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعاملون المشركين وأهل الكتاب مع علمهم بأنهم لا يجتنبون الحرام كله. وإن اشتبه الأمر فهو شبهة، والورع تركه. قال سفيان: لا يعجبني ذلك وتركه أعجب إلي. وقال الزهري ومكحول : لا بأس أن يؤكل منه ما لم يُعرف أنه حرام بعينه، فإن لم يُعلم في ماله حرام بعينه، عُلم أن فيه شبهة، فلا بأس بالأكل منه. نص عليه أحمد في رواية حنبل. وذهب إسحاق بن راهويه إلى ما روي عن ابن مسعود وسليمان وغيرهما من الرخصة، وإلى ما روي عن الحسن وابن سيرين في إباحة الأخذ مما يقضي من الربا والقمار، نقله عنه ابن منصور.] اهـ.

3. حكم النمص للنساء
النمص محرم في الجملة ، والأصل فيه ما رواه البخاري (4886) ومسلم (2125) واللفظ له عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: ” لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ “.قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَأَتَتْهُ فَقَالَتْ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ؛ أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَيْ الْمُصْحَفِ، فَمَا وَجَدْتُهُ؟ فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ، لَقَدْ وَجَدْتِيهِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا “.
والنهي في الحديث يشمل الرجال والنساء، وإنما خصت المرأة في الحديث لأنها هي التي تفعله غالبا طلبا للتجمل.
وقد اختلف العلماء في حد النمص المنهي عنه هل يتناول النتف والحلق أم النتف فقط
جاء في ” الموسوعة الفقهية ” (14/ 82): “وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَفِّ وَالْحَلْقِ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ الْحَفَّ فِي مَعْنَى النَّتْفِ، وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إلَى جَوَازِ الْحَفِّ وَالْحَلْقِ، وَأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ النَّتْفُ فَقَطْ.” انتهى.
واختلفوا في حقيقة النمص المنهي عنه هل هو خاص بالحاجبين أم يشمل شعر الوجه
جاء في “الموسوعة الفقهية” (14/ 82): “اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ نَتْفَ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ دَاخِلٌ فِي نَمْصِ الْوَجْهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: (لَعَنَ اللَّهُ النَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ)..
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ إِذَا نَبَتَتْ لَهَا لِحْيَةٌ أَوْ شَوَارِبُ أَوْ عَنْفَقَةٌ: أَنْ تُزِيلَهَا، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ.
وَأَوْجَبَ الْمَالِكِيَّةُ عَلَيْهَا – فِي الْمُعْتَمَدِ – أَنْ تُزِيلَهَا؛ لأِنَّ فِيهَا مُثْلَةً. أَمَّا ابْنُ جَرِيرٍ فَذَهَبَ إلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ.
وذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُزِيل شَعْرَ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا وَظَهْرِهَا وَبَطْنهَا.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إلَى وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهَا؛ لأِنَّ فِي تَرْكِ هَذَا الشَّعْرِ مُثْلَةً.
ويَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل التَّنَمُّصُ، وَيُكْرَهُ لَهُ حَفُّ حَاجِبِهِ أَوْ حَلْقُهُ، وَيَجُوزُ لَهُ الأخْذُ مِنْهُ مَا لَمْ يُشْبِهِ الْمُخَنَّثِينَ” انتهى.
أقوال فقهاء المذاهب الأربعة في حكم النمص :

الأحناف: ذكر ابن عابدين في حاشيته ما يلي: (النمص: نتف الشعر، ومنه المنماص المنقاش، ولعله محمول على ما إذا فعلته لتتزين للأجانب، وإلا فلو كان في وجهها شعر ينفر زوجها عنها بسببه، ففي تحريم إزالته بعد، لأن الزينة للنساء مطلوبة للتحسين، إلا أن يحمل على ما لا ضرورة إليه لما في نتفه بالمنماص من الإيذاء).[ انظر: حاشية ابن عابدين (9/752).] المالكية : تناول المالكية مسألة النمص، أو الأخذ من الحاجب، فقد ذكر الإمام القرطبي المفسر، النقاش الدائر حول أحاديث اللعن، وقال عنها: (واختلف في المعنى الذي نهي لأجلها، فقيل: لأنها من باب التدليس. وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى، كما قال ابن مسعود، وهو أصح، وهو يتضمن المعنى الأول). [نظر: تفسير القرطبي (5/393).]

أما الإمام القرافي المالكي، فقد تناول تعليل هذا النهي، وناقش من يحرمون ذلك بأنه تغيير لخلق الله، فقال كلاما مهما، حيث قال: (لصاحب المقدمات تنبيه لم أر للفقهاء المالكية والشافعية وغيرهم في تعليل هذا الحديث إلا أنه تدليس على الأزواج ليكثر الصداق، ويشكل ذلك إذا كانوا عالمين به وبالوشم، فإنه ليس فيه تدليس، وما في الحديث من تغيير خلق الله لم أفهم معناه، فإن التغيير للجمال غير منكر في الشرع، كالختان، وقص الظفر، والشعر، وصبغ الحناء، وصبغ الشعر وغير ذلك) [انظر: الذخيرة (13/315).]، فهو هنا يرد على من يحرمون الأخذ من الحاجب وزينته، بأن ذلك تغييرا لخلق الله، بأن ليس كل تغيير محرم، بل لو كان تغييرا للأحسن لا يدخل في التحريم، وهو ما يكون في مسألتنا.

وقد ذهب فقيه مالكي آخر بالحديث عن النمص، من حيث تعريفه، ونقاشه، بأنه حمل النهي هنا على وجه آخر، فقال العدوي المالكي: (متنمصة، وهي التي تنتف شعر الحاجب حتى يصير دقيقا حسنا، والنهي محمول على المرأة المنهية عن استعمال ما هو زينة لها، كالمتوفى عنها، والمفقود زوجها، فلا ينافي ما ورد عن عائشة من جواز إزالة الشعر من الحاجب والوجه) [انظر: حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2/459).]، فهو هنا جعل النهي مرتبطا بمن نهاهن الشرع عن الزينة، لأنهن في حالة حداد، وليس لحرمة الزينة، بل لمنعها في هذا التوقيت.
وهو ما قال به فقيه مالكي آخر، وهو النفراوي حيث يقول: (ويفهم من النهي عن وصل الشعر عدم حرمة إزالة شعر بعض الحاجب، أو الحاجب، وهو المسمى بالتزجيج والترقيق والتحفيف) [ نظر: الفواكه الدواني شرح النفرواي على رسالة ابن أبي زيد القيرواني للنفرواي (2/411،410).]، وقال أيضا: (والتنميص هو نتف شعر الحاجب حتى يصير دقيقا حسنا، ولكن روي عن عائشة – رضي الله عنها – جواز إزالة الشعر من الحاجب والوجه وهو الموافق لما مر من أن المعتمد جواز حلق جميع شعر المرأة ما عدا شعر رأسها، وعليه فيحمل ما في الحديث على المرأة المنهية عن استعمال ما هو زينة لها كالمتوفى عنها والمفقود زوجها). [12]وكذلك نقل القاضي عياض عن السيدة عائشة الجواز، فقال: (روي عن عائشة رخصة في جواز النمص، وحف المرأة جبينها لزوجها، وقالت: أميطي عنك الأذى). [انظر: التاج والإكليل لمختصر خليل للمواق المالكي على هامش مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب (/212،2111). ] الشافعية: اما الشافعية فقد أجازه عدد من فقهائهم إن كان بإذن الزوج، ولم يقصد به الغش والتدليس على خاطب، أو الناس، فمن هؤلاء: الإمام الماوردي حيث قال: (أن تكون ذات زوج تفعل ذلك للزينة عند زوجها، أو أمة تفعل ذلك لسيدها، فهذا غير حرام؛ لأن المرأة مأمورة بأخذ الزينة لزوجها من الكحل والخضاب). [ انظر: الحاوي الكبير للماوردي (2/256).]

وهو ما نراه عند غير الماوردي من الشافعية، مثل الخطيب الشربيني الشافعي حيث يقول: (والتنميص: وهو الأخذ من شعر الوجه والحاجب للحسن، لما في ذلك من التغرير. أما إذا أذن لها الزوج أو السيد في ذلك، فإنه يجوز؛ لأن له غرضا في تزيينها له وقد أذن لها فيه). [انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني (1/526). ] الحنابلة : رغم أن موقف الحنابلة المعتمد هو تحريم ذلك، إلا أن منهم من أجازه، فمنهم ابن الجوزي الذي قال: (وظاهر هذه الأحاديث تحريم هذه الأشياء التي قد نهى عنها على كل حال، وقد أخذ بإطلاق ذلك ابن مسعود على ما روينا.
ويحتمل أن يحمل ذلك على أحد ثلاثة أشياء:
إما أن يكون ذلك قد كان شعار الفاجرات، فيكن المقصودات به.
أو أن يكون مفعولا للتدليس على الرجل، فهذا لا يجوز.
أو أن يكون يتضمن تغيير خلق الله تعالى: كالوشم الذي يؤذي اليد ويؤلمها، ولا يكاد يستحسن، وربما أثر القشر في الجلد تحسنا في العاجل، ثم يتأذى به الجلد فيما بعد.
وأما الأدوية التي تزيل الكلف، وتحسن الوجه للزوج، فلا أرى بها بأسا، وكذلك أخذ الشعر من الوجه للتحسن للزوج، ويكون حديث النامصة محمولا على أحد الوجهين الأولين).[ نظر: أحكام النساء لابن الجوزي ص: 254،253.] وقد اقترب من هذا الرأي أحد الفقهاء المعاصرين وهو العلامة الشيخ الطاهر ابن عاشور، حيث قال: (ووجهه عندي الذي لم أر من أفصح عنه: أن تلك الأحوال كانت في العرب أمارات على ضعف حصانة المرأة، فالنهي عنها نهي عن الباعث عليها، أو التعرض لهتك العرض بسببها). أي أنه: ربطه بأمر وسبب اجتماعي، وهو الحفاظ على المرأة، وهو يذهب إلى رأي ابن الجوزي، لكن يبدو أنه لم يطلع عليه. (نظر: مقاصد الشريعة الإسلامية للطاهر ابن عاشور ص: 298.)
4. فرعٌ: تَشقيرُ الحَواجِبِ
يُباحُ تَشقيرُ الحاجِبَينِ للنِّساءِ، وهو قولُ ابنِ باز، وابنِ عُثَيمين؛ وذلك لأنَّ الأصلَ في الزِّينةِ الإباحةُ إلَّا ما دلَّ الدَّليلُ على تَحريمِه، ولا دليلَ على التَّحريمِ، وليس التَّشقيرُ مِن النَّمصِ .
5. حكم وصل الشعر
جاء النهي عن وصل الشعر في حديث:
1- أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لعَنَ اللهُ الواصِلةَ والمُستَوصِلةَ، والواشِمةَ والمُستَوشِمةَ) أخرَجَه البُخاريُّ (5933).
2- أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((جاءت امرأةٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ لي ابنةً عُرَيِّسًا أصابَتْها حَصْبةٌ فتمَرَّقَ شَعرُها، أفأصِلُه؟ فقال: لعَنَ اللهُ الواصِلةَ والمُستَوصِلةَ)) أخرَجَه البُخاريُّ (5941)، ومُسْلِم (2122) واللَّفظُ له.
ووَجهُ الدَّلالةِ مِن الحَديثَينِ:
قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لعنَ اللهُ)) فيه اللَّعنُ لِمَن فعَلَ ذلك، ودَلالةُ اللَّعنِ على التَّحريمِ مِن أقوى الدَّلالاتِ؛ لأنَّ فاعِلَ المُباحِ لا تَجوزُ لَعنتُه. ((فتح الباري)) لابن حَجَر (10/377) و ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (1/230).
والوصل إما أن يكون بشعر آدمي أو بشعر غير آدمي أو بخيوط حرير وما في معناه، أو بما في حكم الوصل كالباروكة.
جاء في الموسوعة الفقهية (26/109): يحرم وصل شعر المرأة بشعر نجس أو بشعر آدمي. سواء في ذلك المزوجة وغيرها وسواء بإذن الزوج أو بغير إذنه. وللحنفية قول بالكراهة. وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة (1).
واللعنة على الشيء تدل على تحريمه، وعلة التحريم ما فيه من التدليس والتلبيس بتغير خلق الله.
والواصلة التي تصل شعرها بشعر من امرأة أخرى والتي يوصل شعرها بشعر آخر زورا، والمستوصلة التي يوصل لها ذلك بطلبها. لحرمة الانتفاع بشعر الآدمي لكرامته، والأصل أن يدفن شعره إذا انفصل. أما إذا كان الوصل بغير شعر الآدمي وهو طاهر:
فذهب الشافعية على الصحيح إلى حرمة الوصل إن لم تكن ذات زوج وعلى القول الثاني يكره.
أما إن كانت ذات زوج فثلاثة أوجه: أصحها: إن وصلت بإذنه جاز وإلا حرم.
الثاني: يحرم مطلقا. الثالث: لا يحرم ولا يكره مطلقا.
وذهب الحنفية وهو المنقول عن أبي يوسف إلى أنه يرخص للمرأة في غير شعر الآدمي تتخذه لتزيد قرونها.
واستدلوا بما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ليست الواصلة بالتي تعنون، ولا بأس أن تعرى المرأة عن الشعر فتصل قرنا من قرونها بصوف أسود وإنما الواصلة التي تكون بغيا في شبيبتها فإذا أسنت وصلتها بالقيادة.
وذهب المالكية إلى عدم التفريق في التحريم بين الوصل بالشعر وبغيره.
ويرى الحنابلة تحريم وصل الشعر بشعر سواء كان شعر آدمي أو شعر غيره. وسواء كان بإذن الزوج أو من غير إذنه. قالوا ولا بأس بما تشد به المرأة شعرها أي من غير الشعر للحاجة، وفي رواية: لا تصل المرأة برأسها الشعر ولا القرامل ولا الصوف.

6. فرع: الشعر المستعار ويطلق عليه الباروكة
وهذا الشعر يختلف مصدره بعضه شعر آدمي جاء في الموسوعة العربية العالمية: تصنع الشعور المستعارة ذات النوعية الراقية من أفضل أنواع الشعر البشري. اهـ
والوصل بهذا النوع من الشعر الصناعي محرم؛ لأنه وصل بشعر الآدمي.
وأما إن كان الشعر الصناعي مصنوعا من شيء آخر غير شعر الآدمي؛ كالشعر المصنوع من صوف الضأن، أو شعر المعز، أو غير ذلك؛ فهذا يجري فيه خلاف الفقهاء في وصل الشعر بغير شعر الآدمي.
فمنهم من ذهب إلى تحريمه، ومنهم من قال بجوازه.
ومنهم من فرَّق بين الشعر النجس؛ كشعر الميتة؛ فيحرم، وبين الشعر الطاهر فيباح.
ومنهم من أجازه للمتزوجة دون العزباء، والأحوط اجتنابه.
وأما إن كان الشعر الصناعي مصنوعا من مواد آخر بلاستيكية وغيرها فهو حل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من منعه مطلقا، ومنهم من أباحه مطلقا، ومنهم من فصل، ففرَّق بين حال الحاجة، وعلاج العيب وعدمه وممن فرق بين حال الحاجة من عدمه العلامة ابن عثيمين رحمه الله حيث قال: الباروكة محرمة، وهي داخله في الوصل وإن لم تكن وصلاً، فهي تظهر رأس المرأة على وجه أطول من حقيقته، فتشبه الوصل، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة، والمستوصلة، لكن إن لم يكن على رأس المرأة شعر أصلاً، أو كانت قرعاء، فلا حرج من استعمال الباروكة ليستر هذا العيب؛ لأن إزالة العيوب جائزة. انتهى. (مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الحادي عشر – باب السواك وآداب الفطرة)

7. إطالة الأظافر وطلاؤها:
أما إطالةُ الأظْفارِ فيكره لأنه مخالف لسنن الفطرة وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة ( انظر ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عَبدِ البَرِّ (2/1137)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/234)، ((المُغْني)) لابن قُدامَةَ (1/65).
وأما طلاؤها بأي مادة طاهرة ويسمى المناكير فيباح لأنه من الزينة والأصل فيها الإباحة
قال ابن باز: (طِلاءُ الأظفار بالحنَّاء أو غيره ممَّا يُحسِّنُها، لا بأسَ به، إذا كان طاهِرًا ليس بنَجِسٍ..). ((فتاوى نور على الدرب)) (5/243، 244).
وجاء في فتاوى اللجنةُ الدائمة عن حُكمِ استعمال المناكيرِ: (يجوزُ ذلك وتركُه أولى، وتجبُ إزالتُه عندَ الوضوءِ والغُسْلِ؛ لمنعِه وصولَ الماءِ للبشرةِ). ((فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى)) (17/126).

8. كشف العورة المغلظة بالنسبة للمرأة تجاه المرأة
ذهب الفقهاء إلى أن عورة المرأة بالنسبة للمرأة هي كعورة الرجل إلى الرجل، أي ما بين السرة والركبة، ولذا يجوز لها النظر إلى جميع بدنها عدا ما بين هذين العضوين، وذلك لوجود المجانسة وانعدام الشهوة غالبا، ولكن يحرم ذلك مع الشهوة وخوف الفتنة.
أما ما دون السرة والركبة والعورة المغلظة منها فلا يجوز كشفها إلا للحاجة من طبابة أو خدمة من لا يحسن خدمة نفسه كمعاق وأخرق، ويأخذ هذا الحكم أيضا حلق العانة لمن لا يقدر على خدمة نفسه بحلقها من الرجال والنساء.
فقد ذهب فقهاء الحنابلة إلى أن من لا يحسن إزالة شعر عورته بنفسه، جاز له أن يستعين بغيره في إزالتها، جاء في الإنصاف للمرداوي (8/22): من ابتلي بخدمة مريض، أو مريضة في وضوء، أو استنجاء، أو غيرها؛ فحكمه حكم الطبيب في النظر، والمسّ، نص عليه، وكذا لو حلق عانة من لا يحسن حلق عانته، نص عليه، وقاله أبو الوفاء، وأبو يعلى الصغير. اهـ.

وقال الشربيني الخطيب في مغني المحتاج(2/406) : واعلم أن ما تقدم من حرمة النظر والمس هو حيث لا حاجة إليهما. وأما عند الحاجة؛ فالنظر والمس مباحان؛ لحجامة، وعلاج -ولو في فرج-؛ للحاجة الملجئة إلى ذلك; لأن في التحريم حينئذ حرجًا. اهـ.
لكن الحاصل في زماننا أن جعل كثير من النساء والرجال يتساهلون في كشف عوراتهم ويعتادون ارتياد صوالين الحلاقة والكوافير لإزالة شعر العانة مع القدرة على إزالتها بأنفسهم خاصة مع وجود الأدوات الذكية والمواد الطبية التي تزيل الشعر كل هذا مما يسهل حتى على الأخر القيام بذلك والله المستعان.