السؤال: ما حكم تأخير صرف الزكاة في بعض اللجان حتى يحول عليها الحول؟
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
تأخير الزكاة يكون على وجهين:
أولًا: تأخيرها لغير حاجة، وبدون عذر؛ وهذا لا يجوز، ويأثم بهذا التأخير، وعليه تبعة التأخير، وذلك أن الزكاة واجبة على الفور؛ قال تعالى: ﴿ﮝ ﮞ﴾، قال أبو إسحاق الشيرازي صاحب «المهذب» من الشافعية: من وجبت عليه الزكاة لم يجز له تأخيرها؛ لأنه حق يجب صرفه إلى الآدمي، توجهت المطالبة بالدفع إليه، فلم يجز له التأخير، كالوديعة إذا طالب بها صاحبها… فإن أخرها وهو قادر على أدائها ضمنها؛ لأنه أخر ما يجب عليه، مع إمكان الأداء فضمنه، كالوديعة. اهـ [1]
وقال موفق الدين ابن قدامة في «المغني»: وتجب الزكاة على الفور، فلا يجوز تأخير إخراجها مع القدرة عليه، والتمكن منه، إذا لم يخش ضررًا، ولذلك يستحق المؤخر للامتثال العقاب… ولأن هاهنا قرينة تقتضي الفور، وهو أن الزكاة وجبت لحاجة الفقراء، وهي ناجزة؛ فيجب أن يكون الوجوب ناجزًا، ولأنها عبادة تتكرر؛ فلم يجز تأخيرها إلى وقت وجوب مثلها، كالصلاة والصوم. قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل يحول الحول على ماله، فيؤخر عن وقت الزكاة؟ فقال: لا، ولِمَ يؤخر إخراجها؟ وشدَّد في ذلك. قيل: فابتدأ في إخراجها، فجعل يخرج أولًا فأولًا. فقال: لا، بل يخرجها كلها إذا حال الحول.[2]
ثانيًا: يجوز تأخير صرف الزكاة لحاجة، وأن يكون التأخير يسيرًا؛ ليدفعها إلى فقير غائب هو أشد حاجة من غيره من الفقراء الحاضرين، أو يؤخرها لفقير قريب ذي حاجة؛ لأن الأجر مضاعف بسبب القرابة.
قال شمس الدين الرملي من الشافعية: «وله تأخيرها لانتظار أحوج أو أصلح أو قريب أو جار؛ لأنه تأخير لغرض ظاهر، وهو حيازة الفضيلة، وكذلك ليتروى حيث تردد في استحقاق الحاضرين، ويضمن إن تلف المال في مدة التأخير لحصول الإمكان، وإنما أخر لغرض نفسه؛ فيتقيد جوازه بشرط سلامة العاقبة، ولو تضرر الحاضر بالجوع حرم التأخير مطلقًا؛ إذ دفع ضرره فرض فلا يجوز تركه لحيازة فضيلة». [3]
[1] المجموع (5/331).
[2] المغني (2/684، 685).
[3] نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (3/134).