حكم الجهر بالبسملة في الصلاة وخارجها

السؤال : هل يجوز الجهر بالبسملة ؟

 

الجواب : أولًا: حكم الجهر بالبسملة خارج الصلاة

أكثر القراء يجهرون بها خارج الصلاة، لكن بعضهم مثل حمزة ونافع يسرّ بها أحيانًا، وإن كان قد رُوي عنهما الجهر بها أيضًا (انظر: “الكشف عن وجوه القراءات السبع” 1/11-12).

وأهل الأداء اختلفوا بين الجهر بها والإسرار، فاختار البعض الجهر بها لجميع القراء، بينما أخذ آخرون بالإسرار (“الإقناع في القراءات السبع” 1/162).

ثانيًا: حكم الجهر بالبسملة في الصلاة

اختلف العلماء في حكم الجهر بالبسملة في الصلاة:

  • القول الأول: يُسن الجهر بها في الصلاة الجهرية، والإسرار بها في الصلاة السرية.
    • نُقل هذا القول عن صحابة مثل عمر، وعلي، وابن الزبير، وابن عباس، وأبي هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، وشداد بن أوس (انظر: “المصنف” لابن أبي شيبة 1/412، و”القطع والائتلاف” للنحاس 1/14).
    • كما تبنى هذا الرأي بعض التابعين مثل سعيد بن جبير، والزهري، ومجاهد، وعطاء (راجع: “الأم” للشافعي 1/107).
    • الإمام أحمد نُسب إليه هذا القول في رواية، لكن ابن قدامة ذكر أن الرواية المعتمدة عن أحمد هي الإسرار بالبسملة (“المغني” 2/149).

استدلال القائلين بالجهر:

  1. كتابة البسملة في المصحف: كتبها الصحابة في المصحف رغم أنهم جرّدوه مما ليس من القرآن، مما يدل على وجوب قراءتها والجهر بها (“مجموع الفتاوى” 22/432).
  2. حديث نعيم المُجمر: صلّى خلف أبي هريرة فسمعه يجهر بالبسملة، ثم قال أبو هريرة: “إني لأشبهكم صلاة برسول الله ﷺ” (أخرجه النسائي في “السنن” 905، والحاكم في “المستدرك” 1/232). لكن الزيلعي والزبيدي ضعّفا الحديث (“نصب الراية” 1/335).

القول الثاني – الإسرار بالبسملة

يرى جمهور العلماء الإسرار بالبسملة في جميع الصلوات، وهو الثابت عن الخلفاء الأربعة ومعظم الصحابة.

استدلال القائلين بالسر:

  1. لما ورد عن أنس بن مالك قوله: “صليت خلف النبي ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان، فلم أسمع أحدًا منهم يجهر بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)” (أخرجه البخاري 743، ومسلم 399).
  2. لضعف روايات الجهر فقد أشار الدارقطني وابن تيمية إلى أن الأحاديث الصريحة في الجهر بالبسملة ضعيفة أو موضوعة، ولم تُروَ في السنن المشهورة (“مجموع الفتاوى” 22/415). كما ارتبط الجهر بها بشعارات الشيعة، مما دفع كثيرًا من أئمة السنة إلى تركه (“زاد المعاد” 1/206).

القول الثالث: التخيير بين الجهر والإسرار

ذهب بعض العلماء إلى التخيير بين الجهر والإسرار، لكن هذا الرأي ضعيف (“القطع والائتلاف” 1/106). يرى ابن تيمية أنه يجوز الجهر أحيانًا لتحقيق مصلحة، مثل تعليم المصلين، لكن الأصل هو الإسرار (“مجموع الفتاوى” 22/407).

الخلاصة :

الإسرار بالبسملة هو الأرجح والأكثر توافقًا مع فعل النبي ﷺ وخلفائه، كما جاء في حديث أنس: “كانوا يفتتحون بالحمد لله رب العالمين ولا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم” (البخاري 743، مسلم 399). كما أن الجهر بها جائز في بعض الحالات، مثل التعليم أو تأليف القلوب، لكن الإسرار هو السنة الثابتة (“سنن الدارمي” 1/283). جميع الروايات تؤكد صحة الصلاة سواء بالجهر أو الإسرار، لكن الإسرار هو الأفضل (“تفسير ابن كثير” 1/36). والله أعلم