بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال :
هل يجوز تربية النمور والأسود والفهود ونحوها في البيت والاتجار بها ؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ،،، أما بعد :
فالأصل في ما يجوز بيعه وشراؤه هو المنفعة المعتبرة ، فإن كانت السباع ذات منفعة ظاهرة كالصيد ، والانتفاع بالوبر والجلود بعد الدبغ عند بعض الأئمة جاز اقتناؤها وبيعها وشراؤها وتربيتها ، أما إذا لم تتحقق المنفعة الظاهرة المعتبرة فلا يجوز ذلك .
وقد اختلف الفقهاء في تسمية ما يكون نافعا وما لا يكون، وهذا مبني غالبا على التجارب والشواهد وهو أمر غير مطرد .
قال النووي : القسم الثاني من الحيوان : ما لا ينتفع به فلا يصح بيعه ، وذلك كالخنافس والعقارب والحيات والديدان والفأرة والنمل وسائر الحشرات ونحوها . قال أصحابنا : ولا نظر إلى منافعها المعدودة من خواصها لأنها منافع تافهة . قال أصحابنا : وفي معناه : السباع التي لا تصلح للاصطياد ولا القتال عليها , ولا تؤكل الأسد والذئب والنمر والدب وأشباهها ، فلا يصح بيعها ؛ لأنه لا منفعة فيها .
قال أصحابنا: ولا ينظر إلى اقتناء الملوك لها للهيبة والسياسة ” انتهى ([1]).
وقال ابن الهام رحمه الله : ونقل في النوادر أن الأسد إذا كان يقبل التعليم ويصطاد به يجوز بيعه , وإن كان لا يقبل التعليم والاصطياد به لا يجوز ، قال : والفهد والبازي يقبلان التعليم ، فيجوز بيعهما على كل حال انتهى.
فعلى هذا، ينبغي أن لا يجوز بيع النمر بحال لأنه لا يقبل تعليما ” انتهى ([2]).
وفي كشاف القناع : ولا يصح بيع سباع بهائم ولا جوارح طير لا تصلح لصيد , كنمر وذئب ودب وسبع وحدأة ونسر وعقعق ونحوها ; لأنه لا نفع فيها كالحشرات ” انتهى ([3]).
ولذا فإن كل سبع لم يرد النص بتحريم اقتنائه نصاً يدخل تحت أصل الحل ، ويكون مقيداً بالشروط التالية :
- أن يكون فيه منفعة ظاهرة معتبرة كاتخاذه للصيد أو التجارب والبحث العلمي ، أو وضعه في الحدائق العامة للحيوان وغيرها من المنافع الظاهرة ، وهذه المنفعة غير مطردة بل تختلف من سبع إلى آخر ومن شخص إلى آخر .
ولا يدخل في المنافع المعتبرة اقتناؤه للفخر والترفيه كما يفعل الملوك وأهل الترف .
- أن يأمن الضرر على نفسه وعلى غيره، فلا يربيه في بيت مأهول بالسكان لإنه مظنة أن يغير على الناس ، وشواهد هذا كثيرة في الواقع . لكن إن قام بتربتيه في مزرعة وتعليمه وترويضه بعيداً عن الناس وفي مكان آمن فلا باس عملاً باصل الحل . والله أعلم
([1]) المجموع (9/286)
([2]) فتح القدير (7/118)
([3])كشاف القناع (3/160) :