السؤال : ما هي المدة المشروعة التي يستطيع الزوج أن يمتنع عن جماع زوجته، مع العلم أن لديه زوجة ثانية ؟
الجواب : الحمد لله رب العالمين وأشهد ألا إله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد :
فإن للزوجة على زوجها حق المعاشرة بالمعروف والوطء عمدة المعاشرة ومقصودها ، وقد دل على ذلك حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم له: ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: فلا تفعل. صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا([1]).
جاء في الموسوعة الفقهية ما ملخصه أن العلماء اختلفوا في ضابط هذا حق إعفاف الزوجة على زوجها إلى أقوال :
قالت الشافعية : لا يجب على الزوج مجامعة امرأته ؛ فإنه حق له، فإن شاء استوفاه، وإن شاء تركه. ولكن يستحب له أن لا يعطلها من الجماع تحصينا لها، لأنه من المعاشرة بالمعروف، ولأن تركه قد يؤدي إلى الإضرار بها أو فسادها .
وقالت الحنفية وبعض الشافعية : يجب عليه وطؤها في العمر مرة واحدة ليستقر لها بذلك الصداق ، وقالوا: يأثم الزوج إذا ترك ما يجب عليه ديانة متعنتا مع القدرة على الوطء
وقالت الحنابلة : يجب عليه أن يطأها في كل أربعة أشهر مرة مدة الإيلاء .
وقالت المالكية : أن الجماع واجب على الرجل للمرأة في الجملة إذا انتفى العذر، ويقضى عليه به حيث تضررت بتركه. فإذا شكت قلته قضي لها بليلة في كل أربع على الراجح.
وقال ابن حزم الظاهري([2]) 🙁 يجب على الزوج أن يطأ امرأته مرة في كل طهر- إن قدر على ذلك. وبرهان ذلك قول الله( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ ) البقرة: 222
وقال ابن القيم : يجب عليه أن يطأها بالمعروف، كما ينفق عليها بالمعروف، ويكسوها ويعاشرها بالمعروف، بل هذا عمدة المعاشرة ومقصودها، وقد أمر الله سبحانه وتعالى أن يعاشرها بالمعروف، والوطء داخل في هذه المعاشرة ولا بد، قالوا: وعليه أن يشبعها وطئا إذا أمكنه ذلك، كما أن عليه أن يشبعها قوتا، وكان شيخنا رحمه الله تعالى يرجح هذا القول ويختاره.
فإن تنازع الزوجان في الوطء المستحق لها، فرض الحاكم ذلك باجتهاده بحسب العرف وحالة الزوجين، كما يفرض لها النفقة والسكنى وسائر حقوقها.
وهذا القول الذي نرتضيه ونختاره والله أعلم
([1]) أخرجه البخاري ( 1975) ومسلم ( 1159)
([2]) المحلى بالأثار 9/174 .