س: ما هو المذي ؟ هل المذي نجس أم طاهر ؟
ج : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ،،، أما بعد :
المذي هو سائل رقيق شفاف لزج يخرج من الفرج عند الملاعبة أو التذكر ، يتخرج بلا تدفق ، وليس له رائحة ، ولا يعقب خروجه فتور ولا شهوة وقد لا يحس الإنسان بخروجه .
وقد نقل غير واحد من العلماء الاتفاق على نجاسته وعمدة ذلك حديث علي ـ رضي الله عنه ـ حيث قال: كنت رجلا مذاء وكنت أستحي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود، فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوضأ .([1])
قال الكشميري رحمه الله : ” المذي نجس إجماعاً ” .([2])
قال ابن عبد البر رحمه الله : ” ولم يختلف العلماء فيما عدا المني ، من كل ما يخرج من الذكر : أنه نجس ” ([3])
وقال ابن قدامة رحمه الله ” يعني ما خرج من السبيلين ، كالبول والغائط والمذي والودي والدم وغيره : فهذا لا نعلم في نجاسته خلافا ، إلا أشياء يسيرة نذكرها إن شاء الله تعالى” .([4])
وقال الشوكاني رحمه الله : ” واتفق العلماء على أن المذي نجس ، ولم يخالف في ذلك إلا بعض الإمامية ” .([5])
والقول بنجاسة المذي هو مذهب الْمُحدِّثين
قال الإمام البخاري : بَاب غَسْل الْمَذْيِ وَالْوُضُوءِ مِنْه . ثم روى بإسناده إلى عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : كُنْتُ رَجُلا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ رَجُلا أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ ، فَسَأَلَ ، فَقَال : تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ .
وقال الإمام النووي : أجمعت الامة على نجاسة المذي والودي . ثم مذهبنا ومذهب الجمهور أنه يجب غسل المذي ولا يكفي نَضْحه بغير غَسْل . وقال أحمد بن حنبل رحمه الله : أرجو أن يُجزيه النضح ، واحتج له برواية في صحيح مسلم في حديث علي : ” توضأ وانْضَح فَرْجك”.
ودليلنا رواية : ” اغسل ” ، وهي أكثر ، والقياس على سائر النجاسات . وأما رواية النضح فمحمولة على الغَسْل ، وحديث علي رضي الله عنه صحيح رواه هكذا أبو داود والنسائي وغيرهما بأسانيد صحيحة ، ورواه البخاري ومسلم . اهـ .
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي : وقد اختلف العلماء في معنى الأمر بِغَسْل الذَّكر مِن المذي : هل المراد غَسْل ما أصاب الذَّكَر منه كالبول ، أو غسل جميع الذَّكَر ؟وفيه : قولان ، وهما روايتان عن مالك والإمام أحمد .وحُكِي عنه رواية ثالثة ، بِوُجوب غَسْل الذَّكَر كُلّه مع الأنثيين …
فأما إن أصاب المذي غير الفَرْج من البدن أو الثوب ، فالجمهور على أنه نجس يَجب غَسْله كالبول .
وعن أحمد رواية : أنه يُعفى عن يَسيره كالدَّم .وعنه رواية ثالثة : أن نجاسته مُخَفَّفة ، يجزىء نَضْحه بالماء ، كَبَول الغلام الذي لم يأكل الطعام ؛ لعموم البلوى به ، ومَشَقَّة الاحتراز منه . اهـ .
إلا أن الرواية المذكورة عن الإمام أحمد رحمه الله ، فقد استقر القول في مذهبه على النجاسة كما نقل ذلك ابن الجوزي عن أبي بكر الخلال قوله:” استقر قول أحمد أنه كالبول ” .([6])
وعليه فالواجب على المسلم ان يعمل بقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وجوب غسل المني حتى وإن تكرر منه النزول ، ودعوى أنه يشقّ التحرّز منه ، أو أن في غَسْلِه مشقّة ، لا يُسلَّم لِقائله ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة ، وأجرى العلماء ذلك في كل حَدَث دائِم . وهذا أولى بِرفع المشقة . ومع ذلك لم يُلتفت إليه ؛ لأن الوضوء شَرْط للصلاة
وحق المذي غسل الذكر ونضح الثياب كما في حديث سهل بن حنيف، وفيه: (يَكْفِيك بأن تأخذ كفًّا من ماء فتنضح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصابه) ويجب الوضوء منه للصلاة للحديث وذلك تخفيفا من الله للأمة حيث خفف من الاغتسال إلى الوضوء . وعلى هذا التفصيل توجه الروايات التي جاءت بالغسل والروايات التي جاءت بالنضح .
([1])أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له .
([2])العرف الشذي (1 /144) .
([3])الاستذكار” (1 /286)
([4])المغني (1 /767) .
([5])نيل الأوطار (1/63) .
([6])كشف المشكل” (ص 125) .