السؤال: هل يستحب الاكثار من الصيام في شهر رجب؟
الجواب: نعم يستحب الإكثار من الصيام في شهر رجب على اعتبار انه من الأشهر الحرم التي يستحب فيها الاكثار من الأعمال الصالحة، وهذا داخل في عموم قوله تعالى (فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) [التوبة:36] ، ويدخل هذا الاستحباب في الأمر بمطلق الصوم واستحباب الإكثار منه ،كما استدل بعضهم بحديث أسامة بن زيد قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: “ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم”([1]).
قال الشوكاني:” ظاهر قوله في حديث أسامة إن شعبان شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان أنه يستحب صوم رجب، لأن الظاهر أن المراد أنهم يغفلون عن تعظيم شعبان بالصوم، كما يعظمون رمضان ورجباً به…..”([2])، لكن هذا ليس بصريح في تخصيص رجب بالصوم، إذ لم يصح حديث بخصوص استحبابه بعينه ولا إفراده عن بقية الشهور وكل ما ورد من أحاديث فهي ضعيفة لا يعتمد عليها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ” وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات، وفي المسند وغيره حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بصوم الأشهر الحرم: وهي رجب، وذو القعدة وذو الحجة والمحرم. فهذا في صوم الأربعة جميعا لا من يخصص رجبا”([3]).
وعليه فلا يجوز تخصيصه عن غيره من الشهور بصيام، بل يصام كباقي أيام الأشهر الحرم، بل كره بعض العلماء صومه لأنه شهر كانت تعظمه أهل الجاهلية كما ورد عن خَرَشةَ بنِ الحُرِّ قال: ((رأيتُ عُمَرَ يَضرِبُ أكُفَّ النَّاسِ في رَجَبٍ، حتى يَضَعوها في الجِفانِ، ويقولُ: كُلُوا؛ فإنما هو شهرٌ كان يُعَظِّمُه أهلُ الجاهليَّةِ)) ([4]) والله أعلم.
([1]) رواه النسائي (2357)، وحسَّنه الألباني في “صحيح النسائي”.
([4]) واه ابن أبي شيبة (3/102)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (7/327) (7636). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (3/194): فيه الحسن بن جبلة ولم أجد مَن ذَكَره، وبقية رجاله ثقات، وصحح إسناده الألباني في ((النصيحة)) (211).