السجود على الكرسي والوسادة

السؤال : هل يجوز السجود على كرسي له سطحة في الصلاة لمن لم يقدر على السجود على الأرض ؟

الجواب :  الحمد لله رب العالمين وأشهد ألا إله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد :

الأصل في المريض الذي لا يستطيع السجود على الأرض أن يومئ في السجود إيماء ويقرب وجهه من الأرض في السجود قدر طاقته، ويكره أن يسجد على شيء يرفعه إلى أعلى لما أخرجه البيهقي عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم عاد مريضا فرآه يصلي على وسادة فأخذها فرمى بها فأخذ عودا ليصلي عليه فأخذه فرمى به وقال : صل على الأرض إن استطعت وإلا فأوم إيماء واجعل سجودك أخفض من ركوعك )[1]

قال الصنعاني : (والحديث دليل على أنه لا يتخذ المريض ما يسجد عليه حيث تعذر سجوده على الأرض )[2]

وروى الطبراني عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْجُدَ فَلْيَسْجُدْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلَا يَرْفَعْ إِلَى جَبْهَتِهِ شَيْئًا لِيَسْجُدَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ يُومِئُ بِرَأْسِهِ» [3]

وبعضهم لم يكره هذا لما لما جاء في مسند الشافعي بسنده عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: رَأَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْجُدُ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ مِنْ رَمَدٍ بِهَا ) [4]

وقد وردت جملة من الآثار عن الصحابة والتابعين منهم ابن عباس وعروة وابن سيرين وأبو العالية والحسن أنهم كانوا يسجدون على المرافق وقد أوردها بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما .

قال ابن قدامة : (فإن عجز عن الركوع والسجود أومأ بها ويجعل سجوده أخفض من ركوعه يقرب وجهه من الأرض في السجود قدر طاقته  ، فإن سجد على وسادة بين يديه جاز لأن أم سلمة سجدت على وسادة لرمد بها ولا يجعلها أرفع من مكان يمكنه حط وجهه إليه)[5]

والذي يظهر لي أنه لا بد من التفريق بين الوسادة وغيرها مما يرفع ليحاذي الوجه كما هو حال السائل .

فما كان متصلا بالأرض ويحصل معه هيئة السجود بأن يرتفع عجز المريض عن الأعالي جاز مع الكراهة وهذا ما نص عليه جهور الفقهاء ، أما ما يصنعه اليوم بعض الناس من السجود على سطحة الكرسي أو نحوها مما يحاذي الوجه فإن هذا لا يعد سجودا ، بل هو تنطع في الدين وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإيماء بقدر الطاقة كما في حديث ابن عمر المتقدم ، فلا يجوز أن نتعدى سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض الاجتهادات المرجوحة . والله  أعلم  


[1] السنن الكبرى 2/306، والحديث فيه مقال وبعضهم حكم بوقفه على جابر ، وقال عنه الألباني إسناده جيد انظر السلسلة 1/642 .

[2] سبل السلام 1/300

[3]  المعجم الأوسط 7/135، وقال الألباني إسناده جيد انظر السلسلة الصحيحة 1/642

[4] مسند  الشافعي 1/199 بترتيب السندي والحديث فيه أم الحسن قال عنها ابن حجر مقبولة

[5]  الكافي ج1/ص205