المقصود بخلق الإبل من الشياطين

السؤال:

فضيلة الشيخ ما معنى حديث أن الإبل خلقت من الشياطين؟


الجواب:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

فقد ورد في حديث البراء بن عازم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلُّوا في مرابضِ الغنمِ، ولا تصلّوا في أعطانِ الإبلِ، فإنها من الشياطينِ)، وفي رواية عبد الله بن مغفل رضي الله عنه ( فَإِنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ الشَّيَاطِينِ ) . وفي رواية 🙁 فإنها من الجن خلقت ألا ترون عيونها وهبابها إذا نفرت) وفي وراية: (فإنَّها جِنٌّ خُلِقَتْ من جِنٍّ، ألا ترى إذا نَفَرَتْ كيف تَشْمَخُ بأنْفِهَا) ([1])

والحديث يدل بظاهره على ان أصل الإبل هم الشياطين، لكن العلماء اختلفوا في توجيه هذا الحديث فقيل: يجوزُ أنَّها خُلِقتْ في أصلِها من نارٍ كما خُلِقتِ الجنُّ من نارٍ، ثم توالدتْ كما توالدتِ الجنُّ، وهذا ظاهر الحديث وقيل: إنَّها خُلِقتْ مِن جِنسٍ خُلِقتْ منه الشياطينُ، وقيل: إنَّ منها جِنسًا توالَدَ مِن نَعَمِ الجِنِّ ثم اختلَط هذا الجِنسُ بنَعَمِ الإنسِ، وقيل: نُسِبتِ الإبلُ إلى الشياطينِ لِما في أخلاقِها وطَبائِعها تُشبِهُ الشياطينَ كتوحُّشِ حركتِها ونُفرتِها، والعربُ تُسمِّي كلَّ ماردٍ شيطانًا.([2]) ولعل الأخير هو الأقرب للصواب ويؤيد هذا ما رواه أحمد وغيره عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَلَى ظَهْرِ كُلِّ بَعِيرٍ شَيْطَانٌ ، فَإِذَا رَكِبْتُمُوهَا فَسَمُّوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ..) ([3])

قال شيخ الإسلام رحمه الله : ” أشار صلى الله عليه وسلم في الإبل إلى أنها من الشياطين ، يريد والله أعلم أنها من جنس الشياطين ونوعهم ، فإنَّ كلَّ عاتٍ متمرِّدٍ شيطانٌ من أي الدواب كان ، كالكلب الأسود شيطان ، والإبل شياطين الأنعام ، كما للإنس شياطين … فلعلَّ الإنسان إذا أكل لحم الإبل أورثته نفاراً وشماساً وحالاً شبيها بحال الشيطان ، والشيطان خُلق من النار ، وإنما تُطفئ النَّارُ بالماء ، فأُمر بالوضوء من لحومها كسراً لتلك السَّورة ، وقمعاً لتلك الحال ، وهذا لأنَّ قلبَ الإنسان وخُلقه يتغير بالمطاعم التي يطعمها ” انتهى من “([4]).


([1]) رواه أبو داود (493) وصححه الألباني في ” الإرواء ” (176). وأخرجه النسائي (735) مختصرا بنحوه، وابن ماجه (769)، وأحمد (16799) واللفظ لهما

([2]) انظر فتح الباري لا بن حجر 3/224

([3]) رواه أحمد (2667) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (2271).

([4]) شرح عمدة الفقه  (1/185)