السؤال : ما حكم الجلوس على البسط المصنوعة من الحرير أو من الحرير وغيره.
وهل هو عام للرجال والنساء ؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فإن الجواب على هذا السؤال يتناول ثلاث مسائل :
الأولى : حكم الجلوس على الفرش المصنوعة من الحرير الخالص للرجال
والثانية: هل يستوي في الحكم الحرير الخالص والمخلوط ؟
والثالثة: هل الحكم عام في الرجال والنساء.
والجواب على هذه المسائل بعد عون الله كما يلي :
المسألة الأولى : حكم الجلوس على الفرش المصنوعة من الحرير الخالص للرجال .
الصحيح الذي عليه جماهير العلماء من الشافعية والمالكية والحنابلة أن الجلوس على البسط وغيرها من الحرير لا يجوز وأن ذلك بمنزلة اللباس فيكون محرما لما ورد في الصحيح عن حذيفة رضي الله عنه قال : نهانا النبي أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه )[1] .
وما ورد في الصحيحين عن علي والبراء بن عازب رضي الله عنهما أنرسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القسي، وعن جلوس على المياثر)[2]
والمياثر : وطاء يصنع من الحرير يتخذه الرجال على السروج وكان من مراكب العجم .
وذهب أبو حنيفة وبعض المالكية جواز ذلك مستدلين بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جلس على مرفقة حرير .
لكن الحديث لا يثبت وقد رده المحدثون من أصحاب المذهب نفسه .
المسالة الثانية : هل يستوي في الحكم الحرير الخالص والمخلوط .
والجواب : لا يستويان . فالأحاديث الواردة في تحريم استعمال الحرير تحمل على الخالص منه أما المخلوط فإن كان معلما فإن مقدار الجواز منه أربعة أصابع فما دون ذلك لما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال : ( نَهَى نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلَّا مَوْضِعَ إِصْبَعَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ )[3].
وإن كان منسوجا فإن كان الحرير هو الغالب في النسيج رجح التحريم تغليبا للأكثر وإلا فلا ، والأصل الحل في هذا.
المسألة الثالثة : هل الحكم عام في الرجال والنساء.
فالأحاديث في الصحيح تقطع بحرمته على الرجال لبسا وجلوسا ، وأما النساء من حيث الجلوس عليه فقد اختلف العلماء في ذلك : فقال بعض العلماء بحرمته حتى على النساء أخذا بعموم حديث حذيفة في النهي عن الجلوس على الحرير ، وقالوا إنما أبيح لها أن تلبس الحرير للتجمل وأما الجلوس فمنفصل عنه فيأخذ حكما آخر دل عليه حديث حذيفة في الصحيح .
وقال بعض العلماء بالإباحة أخذا بعموم الأحاديث التي تبيح للنساء لبس الحرير ، ولأن الجلوس يسمى لبسا كما جاء في حديث أنس : ( قمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس)[4] .
والذي يترجح عندي والله أعلم أنه لا بأس على المرأة أن تجلس على الحرير أخذا بظواهر الأحاديث المبيحة لها لبس الحرير .
لكن إن احتاطت لنفسها فلم تجلس كان أبرأ لدينها وأبعد عن الشبهة والله أعلم .
[1] رواه البخاري (5837)
[2] رواه البخاري (5175)
[3] روى البخاري (5828) ، ومسلم (2069)
[4] رواه البخاري (380) ، ومسلم (658)