السؤال : هل يجوز بيع الثعابين والحيات وغيرها ؟
الجواب : الحمد رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
من شروط المبيع في الشريعة الإسلامية أن يكون منتفعا به ، وإلا حرم بيعه وشراؤه ، والأصل في الحيات والثعابين عدم الانتفاع بها ولذلك ندبت الشريعة إلى قتلها لما في بعضها من ضرر .
فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحُدَيَّا) رواه مسلم (1198).
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بن القصار: “إنَّمَا سَمَّاهَا فَوَاسِقَ لِخُرُوجِهَا عَمَّا عَلَيْهِ سَائِرُ الْحَيَوَانِ بِمَا فِيهَا مِنْ الضَّرَاوَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهَا” المنتقى – شرح الموطأ” (2/333).
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: (اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ). قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَلَبِثْتُ لَا أَتْرُكُ حَيَّةً أَرَاهَا إِلَّا قَتَلْتُهَا. رواه البخاري (3299) ومسلم (3233).
بل أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلم بقتلها وهو في الصلاة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: (أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ: الْحَيَّةُ، وَالْعَقْرَبُ) رواه الترمذي (390) وصححه الألباني.
وقال النووي: “ما لا ينتفع به [من الحيوانات] لا يصح بيعه، كالخنافس، والعقارب، والحيات، والفأر، والنمل، ونحوها” انتهى من “روضة الطالبين” (3 /351).
وجاء في “الموسوعة الفقهية” (17 /280): “اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْحَشَرَاتِ الَّتِي لاَ نَفْعَ فِيهَا، إِذْ يُشْتَرَطُ فِي الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ، فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ الْفِئْرَانِ، وَالْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ، وَالْخَنَافِسِ، وَالنَّمْل وَنَحْوِهَا، إِذْ لاَ نَفْعَ فِيهَا يُقَابَل بِالْمَال” انتهى.
وقال السيوطي: “مَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ حُرِّمَ اتِّخَاذُهُ، وَمِنْ ثَمَّ حُرِّمَ اتِّخَاذُ آلَاتِ الْمَلَاهِي، وَأَوَانِي النَّقْدَيْنِ، وَالْكَلْبُ لِمَنْ لَا يَصِيدُ، وَالْخِنْزِيرُ، وَالْفَوَاسِق”. انتهى من “الأشباه والنظائر” صـ 280.
وقال ابن قدامة: “وما وجب قتله حرم اقتناؤه”. انتهى من “المغني” (11/ 2).
لكن إن كان القصد في بيعها وشرائها لمنفعة شرعية كالذين يستعملونها في النواحي الطبية والتعليمية فلا بأس باقتنائها لأنها تعلقت بها منفعة بشرط بد أن تكون هذه المنفعة جائزة في نظر الشرع فليس كل ما ظاهره منفعة يبيح الاقتناء والبيع والشراء .
قال ابن الهمام :لا يجوز بيع هوام الأرض كالخنافس والعقارب والفأرة والنمل والوزغ والقنافذ والضب، ولا هوام البحر كالضفدع والسرطان. وذكر أبو الليث أنه يجوز بيع الحيات إذا كان ينتفع بها في الأدوية، وإن لم ينتفع فلا يجوز. فتح القدير 7/118. والله أعلم
د. ناظم سلطان المسباح