حكم متابعة الإمام في الزيادة على الصلاة

السؤال : ما حكم متابعة الإمام في الزيادة على الصلاة

الجواب : اختلف العلماء في حكم متابعة المأموم لإمامه في الزيادة على المشروع في الصلاة، كأن يقوم الإمام إلى خامسة ، أو يسجد ثلاث سجدات وثلاث ركعات ونحوها إلى قولين :

القول الأول : أن المأموم لا يتابع الإمام في الزيادة إن تيقن الخطأ .

وبه قال الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في الرواية الصحيحة عنهم ، واختارها ابن تيمية وابن القيم الصنعاني وأفتى بها الشيخ ابن باز وابن عثيمين وعامة المحققين .

وقالوا أن المأموم لا يخلو من حالين :

الحال الأول  : أن يكون غير متيقن من الخطأ وفي هذه الحالة عليه متابعة الإمام وهو موضع اتفاق مع القائلين بوجوب المتابعة مطلقاً .

الحال الثاني : أن يكون متيقنا من خطأ الإمام في الزيادة ، وفي هذه الحالة عليه أن ينبه الإمام فإن استجاب وإلا حرمت عليه المتابعة . وإن تابعه بطلت صلاته ، وعليه أن يجلس حتى يسلم الإمام فيسلم معه . أو يفارق صلاته ويكملها لنفسه .

أدلة هذا القول :

استدل أصحاب هذا القول بعدة أدلة :

  1.  أن الأصل عدم الزيادة في الصلاة ، وأن المأموم المتيقن من الزيادة قد أتم صلاته، فيحرم عليه الزيادة عليها ، وإن تعمدها بطلت صلاته .
  2. استدلوا بقوله صلى الله عله وسلم : ( إنما الطاعة بالمعروف ) فنحن مأمورون بمتابعة الإمام بالمعروف ، وهذا الحديث يقيد حديث : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به).
  3. ان الزيادة في الصلاة لغو لا يعتد بها ، والذين ذهبوا إلى أن المأموم يتابع إمامه في الزيادة يقولون بأن على المسبوق ألا يعتد بالزيادة وعليه أن يكمل صلاته لأن الزيادة لغو ، ولا يتصور أن تأمر الشريعة بمتابعة الإمام في اللغو والخطأ . فيلزمهم أن يصححوا صلاة المسبوق هذه وألا يلغوها وهو ما لم يقولوا به .
  4. قالوا إن الإمام لا يخلوا أن يكون فعل الزيادة عامدا أو ناسياً ، فإن فعلها عامدا بطلت صلاته وانقطعت رابطة الجماعة بينه وبين المأمومين ، فلا تصح متابعة ، وإن فعلها ناسياً فهو خطأ ولا يتابع الإمام في الخطأ .

قال التنوخي من المالكية : وإذا قام إلى الخامسة فإنه يرجع متى ذكر بلا خلاف ويسجد بعد السلام عندنا. وإن كان إماماً فاختلف حال المقتدين به، فجلس قوم ولم يتبعوه، واتبعه آخرون لكن منهم من اتبعه سهواً، ومنهم من اتبعه عمداً. أما من جلس فصلاته صحيحة وكذلك من اتبعه سهواً وأما من اتبعه عمداً فإن علم أنه لا يجوز له اتباعه بطلت صلاته.([1])

وللرملي من الشافعية : ( لو قام الإمام إلى خامسة ساهيا فإنه يمتنع على المأموم متابعته ولا اعتبار باحتمال كونه قد ترك ركنا من ركعة ولو كان مسبوقا؛ لأن قيامه لخامسة غير معهود)([2])

وقال ابن قدامة مبينا خلاف بعض الحنابلة في هذه المسألة ومصححا لرواية الجمهور : إذا سبح به المأمومون فلم يرجع في موضع يلزمهم الرجوع بطلت صلاته نص عليه أحمد، وليس للمأمومين اتباعه فإن اتبعوه لم يخل من أن يكونوا عالمين بتحريم ذلك أو جاهلين به فإن كانوا عالمين بطلت صلاتهم لأنهم تركوا الواجب عمدا، وقال القاضي في هذا ثلاث روايات، إحداها أنه لا يجوز لهم متابعته ولا يلزمهم انتظاره إن كان نسيانه في زيادة يأتي بها وإن فارقوه وسلموا صحت صلاتهم. وهذا اختيار الخلال، والثانية يتابعونه في القيام استحسانا، والثالثة لا يتابعونه ولا يسلمون قبله لكن ينتظرونه ليسلم بهم وهو اختيار ابن حامد والأول أولى لأن الإمام مخطئ في ترك متابعتهم فلا يجوز اتباعه على الخطأ. انتهى.([3])

وقال ابن عبدالهادي في مغني ذوي الأفهام: ويبطلها زيادة ركعة عمدا، وإن كان سهوا ولم يعلم حتى فرغ منها :فإنه يسجد لها . وإن علم فيها فإنه يجلس في الحال ويتشهد، إن لم يكن تشهد، ويسجد ويسلم. ويلزم الرجوع لمن سبح به اثنان ، ويبطل صلاته بعدمه، وصلاة من اتبعه من عالم([4]

القول الثاني : يجب على المأموم متابعة إمامه في الزيادة .

وهو رواية في مذهب الحنابلة حكاها ابن قدامة في المغني  واختارها بعض الحنابلة وأفتى بها الألباني من المعاصرين.

واستدلوا بما يلي :

  1. قول النبي صلى الله عليه وسلم :  إنما جعل الإمام ليؤتم به … … فلا تختلفوا عليه ..) وقالوا هذا الحديث أصل في المسألة .

ويناقش هذا الاستدلال بأن الحديث عام مخصص بقوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما الطاعة بالمعروف )

وأن الحديثين دالان على وجوب متابعة الإمام في المشروع من الصلاة ، وليس فيه ما يدل على وجوب المتابعة في غير المشروع ، وغير المشروع بدعة .

  • واستدلوا بحديث عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلّم صلَّى الظهر خمساً، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: «وما ذاك؟» قالوا: صليت خمساً، فسجد سجدتين بعدما سلَّم. وفي رواية: فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلَّم .([5])

والشاهد أن الصحابة تابعوا النبي صلى الله عليه وسلم في الزيادة فأقرهم ولم ينكر عليهم .

ويناقش هذا القول بأن الصحابة ربما سكتوا خشية أن يكون حدث تشريع بزيادة الصلاة ، وسؤالهم عن الزيادة دليل على استشكالهم ومراعاتهم لهذا الأمر .

  • قالوا إن الإمام يحتمل أن يكون قد ألغى ركعة لعدم الإتيان بأركانها ، وهذا الإلغاء لا يعلمه المصلون ، فتكون الزيادة فقط في نظر المأموم لكن الإمام في هذه الحالة لم يزد وإنما قضى الركعة التي ألغاها .

ويناقش هذا القول أن المأموم مكلف بما يظهر له ولا يتكلف البحث عن البواطن ويخاطب بما تيقن هو وليس إمامه بدليل أنه إن تعمد الزيادة أو النقصان من الأركان بطلت صلاته ولم يتحملها الإمام عنه ، كذلك في هذه الصورة فإن سيقوم إلى الخامسة عامدا عالماً خطأها .

وقالوا : لأنه إذا كان الإمام قد تركه عمداً فقد بطلت صلاته، وخرج عن كونه إماماً، وإن كان جاهلاً-ففعله خطأ؛ فلا يتابعه فيه، [فإنه إنما] يتابعه فيما كان من صلاته.([6])

  • استدلوا بقصة الوليد بن عقبة والي عثمان على الكوفة أنه صلى بهم الفجر أربعا وهو سكران فشكوه إلى عثمان فجلده

والشاهد أن الصحابة تابعوه في الزيادة ولم يقطعوا الصلاة خلفه او يجلسوا.

ويناقش هذا القول بأن الحديث فيه اضطراب في الرواية والثابت في صحيح مسلم أنه صلى بهم ركعتين ثم سلم ثم قال أزيدكم ، والتي في السنن صلى أربعاً ورواية مسلم أحفظ .

ويناقش أيضا أنه لا يعلم من صلى خلفه من الصحابة أو التابعين فربما لم يصل خلفه أحد من فقهائهم، أو ربما لم يتابعوه فيكون الاستدلال بهذه القصة ساقط الحجة .


([1]) التنبيه على مبادئ التوجيه 2/592

([2]) تحفة المحتاج 2/86.

([3]) المغني 2/16

([4])مغني ذوي الافهام ص 112

([5]) رواه البخاري ومسلم

([6]) كفاية التنبيه 3/490