بسم الله الرحمن الرحيم
نص السؤال :
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته أنا بنت مريضة بالوسواس القهري الذي حول حياتي إلى جحيم البارحة كان أبي يشاهد فيديوهات لرجل اسمه راغب أمين فقلت له أتشاهد فيديوهات المقزز راغب أمين عندما أنهيت حديثي نفسي الداخلية تقول لي أنني سببت الله و رسوله مع أنني لم أنطق باسم الله أو الرسول الشك يقتلني لكنني أقول لنفسي إن كنت نطقت فعلا بكلام سب لسمعه والدي و عاتبني أو ضربني أو فعل أي تصرف يدل على قبح ما فعلت ، لكن لم يحدث هذا أخاف أن أكون قد ارتكبت فعلا هذه المعصية و أنا و الله لم تكن لي النية في ذلك ، ما يعذبني الآن أنني أحس أنني مذنبة مع أن عقلي يأكد لي أنني لم أقل شيئا ، و نفسي تقول لي أنني قلت و أنا أعيش بين الشك و اليقين هل من الممكن أن أكون اقترفت هذا الذنب الشنيع ؟
ساعدوني ساعدكم الله جزاكم الله خيرا فقد كرهت نفسي .
نص الإجابة :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ،،، أما بعد :
فالوسواس مرض معروف له ارتباط إما بعادات وتقاليد الشخص أو بحالة نفسية حادة ينتج عنها كثرة التفكير الذي يولد الخوف والرهبة وهذه أمر يمكن علاجه بزيارة الأطباء المختصين حتى يعود المريض إلى طبيعته .
وقد يكون الوسواس شيطاني ، فقد أثبت الله تعالى في سورة الناس هذه الحقيقة ، بمعنى أن يتدخل الشيطان في كل أمورك بقصد أن يفسد عليك حياتك ، ولا يأتيك إلا إذا رأى منك الإعراض عنه والإقبال على الله تعالى فإنه يتسلط عليك بقصد أن يصدك عن هذا السبيل .
وإذا كان الوسواس في أمور الدين كالعبادات والعقائد فإنه غالبا ما يكون شيطانياً ، والشيطان له طرائق كثيرة يدخل على الإنسان فيوسوس له ويفسد عليه نفسه وقلبه ، وربما إذا وجد في الإنسان جَلَداً على ترك المعصية أتاه من باب الغلو في الطاعة فيشعر الإنسان بنقص في طهارته وصلاته وسائر عبادته ، والقصد من ذلك أن يستثقلها ثم يتركها بالكلية فيحصل ما أراد الشيطان .
وبالنسبة لحالتك فإن الشعور بالذنب مشروع لكن يجب أن يصاحبه الاستغفار وتفويض الأمور إلى لله تعالى وحسن الظن به عز وجل وإلا فإنه يتحول إلى قنوط ويأس ، حتى في أكبر الذنوب وأشنعها فإن الإنسان يتعامل معها على هذه القاعدة .
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه : قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ)([1])
وفي رواية عند ابن حبان : فَإِذَا أحَسَّ أحَدُكمْ بِذلِكَ فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ وَبِرُسُلِهِ .([2])
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ»([3])
قال الإمام النووي رحمه الله : (ذلك صريح الإيمان ) معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك
وإذا أدركت هذا فأعلمي أنك في حرب دائمة مع الشيطان فعليك بالالتجاء إلى الله تعالى والاستعاذة به كما قال تعالى : ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )[4]. وأكثري من ذكر الله وقراءة القرآن والإعراض عن كل وسواس وعدم الانجرار له وعدم الإجابة عليه مع سؤال الله أن يصرفه عنك وتكرار قراءة المعوذات ، ومن صدق الله في الطلب صدقه الله في الإجابة .
نسأل الله لك الهدى والشفاء إنه سميع مجيب .
([1]) رواه البخاري ( ح3276) ومسلم ( ح134)
([2]) صحيح ابن حبان ( ح 150).
([3]) رواه مسلم (ح 132)
[4] سورة الأعراف:200