هل يجوز فرض الضريبة على المسلمين؟


هل يجوز فرض الضريبة على المسلمين؟

وبماذا يفسر قول النبي عليه الصلاة والسلام لا يحل مال امرئ مسلم إلاّ بطيب نفس منه.

وهل تقوم مقام الزكاة؟

الجواب :

الأصل في الضرائب التحريم   ، وهي من المكوس التي حرمها الله وجعل أخذها من أكبر الكبائر، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حق المرأة الغامدية  (لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له )[1]وهذا يدل على خطورة المكس وعقوبة صاحبه ،فإنه يكثر خصومه يوم القيامة، ويكثر الآخذون من حسناته يوم القيامة؛ لكونه قد ظلمهم.

 لكن العلماء استثنوا لولي الأمر أن يفرض الضريبة على المسلمين إن رأى أن في ذلك تحقيقا للمصالح العامة للدولة كإعداد الجيش وكتعبيد الطرق وبناء المستشفيات والمدارس والمرافق العامة وغيرها مما تقوم به الدولة العادلة ، لكن هذا مشروط بالتالي :

  1. أن تدعوا الحاجة العامة إليها، بحيث لو لم تفرض لشق على عامة الناس ذلك.
  2. ألا أن تكون نظام مستمرا في جميع الأوقات سواء تحققت الحاجة أم لا.
  3. أن لا يكون في خزينة الدولة ما يكفي لسداد هذه الحاجات .
  4. 4.   وأن يكون ذلك بحسب الطاقة والاستطاعة .
  5. العدل فيها، فيؤخذ من الغني ما لا يؤخذ على الفقير .

وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يحل مال امرئ مسلم إلاّ بطيب نفس منه)[2]فيُحمل على كل ما أُخِذ من الإنسان بدون حق شرعي ، والضريبة إذا تحققت فيها الشروط الآنفة الذكر صَارت واجبا شرعيا لا سيَّما إذا وقعت الدولة في مأزق أو ظرف طارئ يستوجب مالاً كثيرًا لا تتحمل خزينة الدولة القيام به ، وفي قواعد الشريعة : (يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام  ، ودرء لمفسدة مقدم على جلب المصلحة، وتفويت أدنى المصلحتين تحصيلاً لأعلاهما) كل ذلك لا يؤدي إلى إباحة فرض الضرائب فحسب، بل يحتم فرضها، وأخذها بالقوة.

لكن ينبغي التنبيه إلى أن هذه الضرائب التي تفرض على الناس اليوم ليست هي الزكاة التي افترضها الله على عباده ، بل هي من اجتهادات الولاة، فينبغي إلا يخلط بينها وبين فريضة الزكاة ، وإذا كانت بعض الدول تأخذ الضرائب عوضا عن الزكاة فيجب عليها التقيد بأحكام الزكاة ومقاديرها وأنصبتها ، وإذا لم تأخذها عوضا عن الزكاة صارت موكسا تخضع للشروط التي ذكرناها آنفا ، والله أعلم .


[1] رواه مسلم ( 1695).

[2] رواه أبو يعلى وغيره، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7662) .